على إسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء..أنا إسم مصر عندى أحب وأجمل الأشياء

على إسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء..أنا إسم مصر عندى أحب وأجمل الأشياء

Wednesday, January 30, 2008

تعاطفا مع غزة ولكن

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. من يستطيع أن يرفض؟ فضلا عن مخالفة الرفض للضمير الإنساني والعربي؛ فإنه سيخالف المشاعر الجياشة للملايين المستعدة باتهامات الخيانة والعمالة لأي مختلف في الرأي.

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. فلو لم تكن – لاعبي ولاعب مصر المفضل أبو تريكة – من المتأثرين بفكر الإخوان المسلمين والمتواصلين معها مباشرة أو بشكل غير مباشر، لما نقلت شعورك بالتعاطف إلى خانة الفعل.

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. وهل كسبت غزة من تعاطفك أكثر مما كسبته من فتح حدودها مع مصر؟

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. ألم يكن مناسبا ربما أفضل أن تعلن قبل البطولة عن تبرعك بمكافأتك المالية لاخوانك في غزة؟

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. وهل نسعد بأن يخرج علينا متعصب أحمق – ليكن محترفا في إسرائيل – بلافتة داخلية مكتوب عليها "تعاطفا مع سديروت"؟

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. فلتسعد بارتقائك لأعلى سماوات البطولة والزعامة. فالملايين باتوا لا يسعدون إلا بالشعارات. ولا يرقصون إلا لرؤية الهتافات المكتوبة. ولا يعوضون شعورهم بالعجز والنقص إلا بممارسة فنون الخطابة والتنفيس البخاري عن الغليان المكبوت.

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. وهل تظن العالم يدار بالتعاطف؟ هل تعتقد أن أمريكا أو اسرائيل ستتعاطف ولو ارتدى المنتخب المصري كله فانلات مكتوب عليها تعاطفا مع غزة؟

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. وهل تتعاطف غزة مع نفسها أولا؟ هل مازلنا نلعن عبد الناصر كل صباح بسبب "حماقته" و"اندفاعه" و"تهوره" و"زجه بمصر في حرب غير مدروسة" بينما نسبح بحمد حماس وحزب الله كل مساء لنفس الأسباب؟

نعم يا سيدي. تعاطفا مع غزة. عندما انفجرت غزة المتعاطف معها، إلى أين اتجه انفجارها؟ إلى مصر! هل ابتعدت إسرائيل عن مرمى بصر أشاوس غزة؟ ألم تعد هناك معابر بين غزة وبين إسرائيل؟ أليست إسرائيل هى المحاصرة (بكسر الصاد)؟ هل ننفجر في وجه مصر لأن إسرائيل تحاصرنا؟!

لا يا سيدي. ولا يا كل سيد لا يفكر إلا من خلال انفعالاته الهيستيرية فلا يزيدنا إلا خسارا جيلا بعد جيل. لا. لقد تعاطفنا فعلا مع غزة – ومع كل غزة في تاريخنا – بالفعل والدم والمال. أما الآن: تعاطفا مع مصر.

Sunday, January 6, 2008

101 ماكرو إيكونوميكس

نبدأ بالحديث عن الاقتصاد المصري ككل. للتبسيط أعرِّف المقصود بالاقتصاد المصري بأنه القيمة النقدية لما ينتجه المصريون داخل حدود مصر من سلع وخدمات. سأتحدث عن الناتج المحلي وليس القومي. الجي دي بي وليس الجي إن بي.

المصريون ينتجون سنويا عدد ما من الخدمات والسلع لكل منها قيمة مادية بالجنيه المصري، وبالتالي فهناك قيمة إجمالية لكل المنتجات المصرية من سلع وخدمات. هذه القيمة الإجمالية تقاس بكذا طريقة. فهناك أولا طريقة الأسعار الجارية. يعني إذ ا أنتج المصريون هذا العام مثلا ألف شنطة مدرسية قيمة الواحدة مائة جنيه فالانتاج القومي يصبح مائة ألف جنيه. ثم يتم تحويل هذه القيمة لمعادلها بالدولار الأمريكي للمقارنة مع باقي العالم. فيكون انتاج مصر في عام الشنط المدرسية هذا يساوي واحد وثمانين ألف دولار. ونفعل نفس الشئ مع جميع دول العالم فيصبح عندنا جدول يضم حجم الناتج المحلي لدول العالم محسوبا بطريقة أسعار الصرف.

لا يخفى على القارئ عيوب هذه الطريقة. فهي أولا لا تتيح قياس نسبة نمو الاقتصاد من عام لآخر. لماذا؟ لأن سعر شنطة المدرسة التي كانت بمائة جنيه في العام (س) أصبحت في العام (س+1) تساوي مائتين جنيه مثلا بسبب التضخم النقدي. يعني قيمة الناتج ارتفعت إجماليا من مائة ألف جنيه لمائتين ألف جنيه في حين أن عدد الشنط مازال كما هو: ألف شنطة. إذن هل نقول إن اقتصادنا نما بنسبة مائة في المائة في حين أنه لم يحقق أي نمو؟

حلَّ الاقتصاديون هذه المسألة بفكرة الأسعار الثابتة. بمعنى إننا نحسب نمو الاقتصاد حسب أسعار السنة (س) وليس أسعار السنة (س+1). فنقول إن السعر مائة جنيه كما هو بغض النظر عن السعر في السنة (س+1) ونحسب فقط عدد الشنط المنتجة. فإذا وجدنا أن الاقتصاد أنتج ألف ومائة شنطة مثلا. فإننا نجد عندنا فائضا يساوي مائة شنطة قيمة الواحدة منهم كما اتفقنا بأسعار السنة (س) تساوي مائة جنيه. إذن لدينا عشرة آلاف جنيه نمو "حقيقي" في الاقتصاد.

يهمني جدا أن تتضح هذه النقطة لمن لا يعرفها جيدا. إذ قرأت كثيرا – وأحزنني كثيرا ما قرأت – شباب وشابات يقولون إن الحكومة كاذبة لإنها تقول أن النمو 7% وتتجاهل التضخم، الذي هو أكثر من ذلك، إذن: الاقتصاد ينمو بالسالب. وما يحزنني حقيقةً ليس عدم وجود المعرفة بأن الـ 7% تلك محسوبة على أساس الأسعار الثابتة وليس الجارية فلا وجود للتضخم في هذه النسبة. ولكن ما يحزنني هو إنني أعرف سعادة البعض في نظام الحكم بهذه الرميات الطائشة التي لا تصيب. وهذه التحليلات الساذجة التي تقوِّي موقفهم أمام القيادات السياسية الأعلى إذ تؤكد صحة نظريتهم بأن المحكومين لا يمكن اتباع توجهاتهم وتلبية رغباتهم إذ أنهم "مش فاهمين حاجة".. للأسف. هذا فضلا عن عدم متابعة من يقول هذا للتطور الكبير الذي حدث في علوم الإحصاء والاقتصاد القياسي، والذي أدى لانعدام قدرة أي حكومة في العالم تقريبا على الكذب الأهبل على مواطنيها.. بشرط أن يكون هؤلاء المواطنين فاهمين!

طيب.. شرحنا أن أي نسبة نمو مقصود بها النمو الحقيقي حسب الأسعار الثابتة لعام معين. يعني مثالا لذلك: تلك النسبة المصرية (الـ 7%) التي حققها الاقتصاد المصري عام 2006 أو اقترب منها كثيرا، هي محسوبة حسب الأسعار الثابتة لعام 2001/2002. في حين أن نسبة نمو الاقتصاد حسب الأسعار الجارية (يعني مضاف إليها التضخم) تبلغ 18% وليس 7%. أظن الأمور وضحت الآن. عندما تقرأ أي كلمة عن نمو الاقتصاد أو نمو الناتج أو نمو الجي دي بي اعرف يقينا إنها حسب الأسعار الثابتة وليس الجارية. يعني إنسَى التضخم. يعني دي نسبة زيادة انتاج مش زيادة على الورق.

طيب. نيجي لموضوع سعر الصرف. يحتاج العالم بشدة للمقارنة بين اقتصادات دوله. ولفعل ذلك يجب توحيد العملة حسابيا. والدولار هو اختيار طبيعي لأسباب متعددة وكثيرة. ولكن طريقة سعر الصرف التي شرحتها عاليا لا تفي بالغرض المطلوب. كيف؟

نفترض أن الاقتصاد المصري أنتج في السنة (س) ما قيمته نقديا حوالي 550 ألف جنيه مصري. يعني مائة ألف دولار أمريكي. إذن حجم الاقتصاد المصري يبلغ مائة ألف دولار أمريكي في السنة (س). كويس أوي. نفترض أن الاقتصاد الياباني أنتج في نفس السنة (س) أيضا ما قيمته 114 مليون ين ياباني. يعني مليون دولار أمريكي حسب سعر الصرف. تمام.

هذا الكلام خاطئ تماما من الناحية المقارنة. بمعني إن المقارنة مضللة ولا تعطي أية صورة واقعية. لماذا؟ لإن الـ 550 ألف جنيه مصري أو لـ 100 ألف دولار أمريكي، اللي هما حجم اقتصاد مصر في سنة، يمكن بهم شراء سلع وخدمات من مصر أكثر مما يستطيع نفس المبلغ (100 ألف دولار) أن يشتريه من أمريكا. لماذا؟ لأن ثمن قصة الشعر في مصر مثلا 10 جنيه، بينما هي في أمريكا تساوي 10 دولار (55 جنيه حسب سعر الصرف). قيمة إيجار الشقة في مصر في المساكن القديمة مثلا 50 جنيه وفي أمريكا ليس أقل من 200 دولار (ألف جنيه مصري). إذن وجد الاقتصاديون أننا يجب أن نراعي "اختلاف مستويات الأسعار بين مصر وأمريكا" عندما نقوم بحساب الدخل والانتاج وإلا فإننا سنمتلك صورة غير واقعية عن اقتصادات الدول. طيب مثال آخر. اليابان. العكس تماما من مصر. قصة الشعر في اليابان بحوالي 5700 ين ياباني (50 دولار أمريكي) وإيجار الشقة الصغيرة يبلغ مائة ألف ين ياباني (900 دولار أمريكي شهريا). إذن فالمليون دولار الأمريكي الذين هم حجم اقتصاد اليابان في السنة (س) هم في الحقيقية يقدرون على شراء سلع وخدمات من اليابان أقل مما يقدرون على شرائها من أمريكا، وأقل كثيرا جدا مما يقدرون على شرائها من مصر. وبطرق احصائية تقيس الفروق بين مستويات الأسعار بين مجموعة من السلع في كل بلدان العالم وتقارنها بالأسعار في أمريكا، أصبح لدينا الطريقة الأفضل لحساب الناتج والدخل لأغراض المقارنة مع العالم. وأسمينا هذه الطريقة "تَعادُل القوة الشرائية". وأصبحت هي الطريقة المعتمدة دوليا إذ تعطي صورة أقرب للواقع.

طيب. لتوضيح آثار هذه الطريقة على النتائج. أعطي هذه الأمثلة التوضيحية. اقتصاد مصر حسب طريقة سعر الصرف بلغ عام 2006 حسب البنك الدولي 107 مليار دولار. يعني مصر أنتجت في هذا العام 609 مليار جنيه مصري أو مائة وسبعة مليار دولار أمريكي حسب سعر الصرف السائد في هذا العام (وهو 5.7 جنيه لكل دولار). وحسب هذا الرقم، فإن اقتصاد مصر هو الاقتصاد رقم 50 في العالم. هذا كلام يعطي صورة واقعية عن حجم انتاج مصر وحدها. ولكنه لا يفيدنا إذا أردنا مقارنة الاقتصاد المصري بباقي اقتصادات العالم. طيب لما حسبنا بقى بطريقة "تعادل القوة الشرائية" وجدنا البنك الدولي يقول إن اقتصاد مصر يبلغ 351 مليار دولار. وترتيبه 30 على مستوى العالم.

تعالوا نشوف شوية مفاجآت عشان نعرف خريطة الاقتصاد العالمية حاليا ماشية إزاي. بس أمانة محدش ينسى أهمية عدد السكان. الدولة اللي سكانها 20 مليون غير اللي معاها مليار نفر.

اليابان هي التانية على العالم حسب طريقة سعر الصرف. الرابعة حسب طريقة تعادل القوة الشرائية (ممكن نسمي الطريقة دي بي بي بي - بورشيسينج باور باريتي؟) للتسهيل بس في الكتابة. الصين هي الرابعة عالميا حسب سعر الصرف، التانية في العالم بعد أمريكا حسب البي بي بي. عايزين مفاجآت أقوى أنا عارف. اتفضلوا: الهند 12 عالميا حسب سعر الصرف، التالتة بطريقة البي بي بي! تالت أكبر اقتصاد في العالم. أكبر من اليابان. الهند اقتصادها الحقيقي حجمه 900 مليار دولار، لكن وضعا في الاعتبار مستويات الأسعار يبقى الـ 900 مليار دولار دول لو في أمريكا هيساووا 4 آلاف مليار دولار. إيران ترتيبها 29 عالميا حسب سعر الصرف ب 222 مليار دولار، حسب البي بي بي تقفز إلى المركز الواحد وعشرين بحوالي 600 مليار دولار. إسرائيل ترتيبها حسب سعر الصرف 45، وحسب البي بي بي 50. أيوا 50. ومصر 30. بس سكان مصر عشر أضعاف بتوع إسرائيل محدش ينسى.

يبقى كده شرحنا طريقة حساب حجم الاقتصاد وكيف نقارنه باقتصادات باقي دول العالم. مصر ترتيبها العالمي من حيث حجم الاقتصاد رقم 30 من 166 دولة. إنما مش دي المشكلة خالص ولا ده مهم أوي.

المشكلة تبدأ لما ننسب الرقم ده لعدد سكان مصر ونحسب متوسط دخل الفرد في مصر. نقسم قيمة الاقتصاد على عدد السكان يطلع لينا نصيب الفرد من الدخل. نلاقي مصر بقى نزلت من الترتيب التلاتين من حيث حجم الاقتصاد للمركز 110.

الهند.. اللي هي التالتة على العالم من حيث حجم الاقتصاد نلاقيها بقت 132 من حيث متوسط دخل الفرد.

فيه لخبطة؟ أبدا. خلونا ننسى حكاية حجم الاقتصاد دي. مش مهمة أوي. نركز أكتر على الجي دي بي بير كابيتا. يعني متوسط الفرد من قيمة الإنتاج القومي. يعني كل واحد في مصر أنتج قد ايه. ودخله كام. يعني ناتج قسمة حجم الاقتصاد على عدد السكان. إسرائيل يا سيداتي وسادتي حجم اقتصادها 170 مليار دولار بالبي بي بي (مصر 350) لكن لما نقسم كل رقم من دول على عدد سكان كل دولة نكتشف المصيبة السوداء. إسرائيل عدد سكانها 6 مليون ونص. مصر (باللي بره مصر) 80 مليون ونص. حسب هذا الترتيب احنا 110 في العالم. بحوالي 4200 دولار حسب أرقام صندوق النقد الدولي وبطريقة البي بي بي.

يبقى أول حاجة تهمنا أوي متوسط دخل الفرد. تاني حاجة تهمنا جدا هي معدل النمو الحقيقي في الاقتصاد. تالت حاجة هي هيكل النمو. يعني النمو حاصل ليه. بترول زيادة؟ سياحة؟ زراعة؟ قناة سويس؟ صناعة؟ تصدير؟ ايه بالظبط.

طيب نلم المعلومات اللي معانا عن 2006

حجم اقتصاد مصر: حوالي ألفين مليار جنيه مصري (بي بي بي).

نصيب الفرد من الانتاج/الدخل: حوالي 2000 شهريا.

معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي: 7%

عدد سكان مصر المقيمين بداخلها: 76 مليون.

معامل جيني لتوزيع الدخل (معامل اقتصادي يقيس مدى حسن أو سوء توزيع الدخل بين أفراد الشعب): 33 (كل ما يقرب من 100 يبقى توزيع سئ جدا للدخل، كل ما يقرب من صفر يبقى توزيع ممتاز للدخل)

للمقارنة مع دول أخرى: ماليزيا 50، إندونيسيا 34، بوليفيا 60، البرازيل 58، الصين 45، الهند 33، إيران 43، المكسيك 50، باكستان 31، روسيا 40، ناميبيا 74، جنوب أفريقيا 58، تركيا 44، سويسرا 33، الولايات المتحدة الأمريكية 41

ذكرت معامل جيني لتوزيع الدخل لأبين أن المشكلة الرئيسية ليست في توزيع الدخل. المشكلة في ضعف هذا الدخل ضعفا كبيرا جدا بالنسبة لعدد سكان مصر. مصر رقم 110 في العالم من حيث متوسط دخل الفرد أو بعبارة أخرى نصيب الفرد من الانتاج. المصري بينتج في الشهر ب 2000 جنيه. المغربي بينتج 2750 جنيه. الصيني بينتج 4000 جنيه في الشهر. التركي بينتج 4500 جنيه في الشهر. الماليزي بينتج 5800 جنيه في الشهر. المجري بينتج بحوالي 9600 جنيه في الشهر. الإسرائيلي 15 ألف جنيه في الشهر. الآيرلندي (تاني أعلى متوسط ودخل في العالم بعد لوكسمبورج) بينتج ب 21 ألف جنيه في الشهر الواحد. يعني متوسط دخل الأسرة الآيرلندية المكونة من خمسة أفراد يبلغ حوالي 100 ألف جنيه كل شهر.

الحالة المصرية ليست فريدة من نوعها. إقرأ من يلينا في القائمة: إندونيسيا 2000 جنيه شهريا. سوريا 1900 جنيه شهريا. باكستان 1300 جنيه. وعندك كل دول أفريقيا جنوب الصحراء لغاية بوروندي 320 جنيه في الشهر.

خلاصة

أولى مشكلات المصريين:الفقر. كأفراد وكدولة. الجميع فقراء في مصر. الفقراء فقراء! الأغنياء فقراء! الحكومة فقيرة! مش عشان البلد منهوبة!!! أظن إني وضحت ان حتى لو كل الفلوس دي اتوزعت بالتساوي المطلق على السكان نفر نفر.. الفقر هيستمر طاحن ورهيب.

الفقراء المصريين كثيرون لكن المشكلة الأكبر هي القلة النسبية لعدد الفقراء المدقعين! نعم.. مشكلة مصر أن فقراءها المدقعين مش كتير! يعني ايه.. يعني إن الفقير المطلق لا تطلعات استهلاكية عالية لديه. وبالتالي فإن شعوره بالإحباط وخيبة الأمل أقل كثيرا من محدودي الدخل الذين هم تقريبا حوالي 40 مليون مصري. الفقراء بشدة الذين هم حوالي 30 مليون يصارعون من أجل البقاء فقط. ومع ذلك لا تسمع لهم صوتا إلا نادرا. أما الـ 30 مليون مصري من الطبقة الوسطى والساقطين منها خلال العقدين الأخيرين فإنهم يشعرون بالفقر بحدة أكبر من الفقراء الحقيقيين. إذ أن تطلعاتهم المادية العالية تدفعهم للاستدانة الدائمة. تدفعهم للسخط الدائم على الحكومة. تدفعهم للشعور بالإهانة اليومية خلال معاناتهم من أجل لقمة العيش. هؤلاء الأربعين مليون مصري يتراوحون بين أنصاف متعلمين مرورا بمتعلمين وانتهاء بمتعلمين تعليما عاليا وراقيا أحيانا. لهم أحلام كبيرة. طموحات عالية. لا يحققون منها إلا أقل القليل. هؤلاء هم القنبلة الموقوتة الحقيقية وليسوا الفقراء المعدمين.

نحن في مرحلة مهمة في تطورنا الاقتصادي. يجب تصعيد نصف الأربعين مليون هؤلاء بسرعة للطبقات الأعلى اقتصاديا. ليس بمعنى توزيع الدخل. بمعنى توزيع الانتاج. توزيع الدخل ليس هو المشكلة. التفاوت في الدخول صفة أساسية للنظام الرأسمالي العالمي. وأتت العولمة الاقتصادية لتعمقه وتضخم آثاره. فمثلا: الدخل الإجمالي للعالم يبلغ 61 ألف مليار دولار. تحصل منه الولايات المتحدة وأوروبا واليابان على نصفه تقريبا. 3 دول تحصل على 50% من الدخل. وباقي دول العالم تحصل على 50%. ده عادي جدا. عادي من الناحية الواقعية. أمال الصراع العالمي من آلاف السنين حاصل ليه؟ الاخوة دول بيسيطروا على موارد الأرض ويطوروها بعلم وتكنولوجيا وانتاجية عالية جدا. يعني هم بياخدوا الدخل العالي ده عشان بينتجوه. جزء من دخلهم العالي راجع لأسباب سياسية (سيطرتهم على موارد الانتاج) وجزء راجع لانتاجيتهم العالية (بسبب التكنولوجيا والتقدم العلمي والعمل الجاد الشاق المستمر). المشكلة في ضعف الانتاج. ضعف مصادر توليد الدخل. 2000 جنيه شهريا مبلغ قليل جدا في هذا العالم كمتوسط دخل أو انتاج فرد. إسرائيل 15 ألف جنيه في الشهر. إسرائيل أغنى من مصر 7 مرات. هل نرى الحرب القادمة أم مازلنا نصر على الحروب الخطابية؟

أذكِّر إنني فقط أشخص الحالة. مازلنا في مرحلة التشخيص. بعد التشخيص الكامل نتحدث عن العلاج.

في المرة القادمة. نذهب لثاني عناصر الدولة: المشكلات المتعلقة بالأرض. التراب الوطني. الأمن القومي. السياسة الخارجية. نوضح تشابك ذلك مع مشكلات الجزء الأول (الاقتصاد). هل هناك علاقات؟ محددات؟ ارتباطات؟ قيود؟ نجتهد لتحليل هذه الأمور. إذا شاءت لنا ذلك إرادة الله.

مصادر الأرقام:

http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_countries_by_GDP_%28PPP%29_per_capita

http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_countries_by_GDP_%28PPP%29

https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/eg.html